جامعة بابيش بولياي في كلوج نابوكا
تعود جذور الجامعة إلى أواخر القرن السادس عشر، حين تأسست بين عامي 1581 و1585 تحت اسم “Collegium Academicum Claudiopolitanum” بإشراف اليسوعيين، وبمبادرة من الأمير ستيفان باثوري. كانت تهدف منذ البداية إلى توفير تعليم عالٍ وفق النموذج الأوروبي الكلاسيكي.
في عام 1753، اكتسبت المؤسسة صفة رسمية تحت إشراف الملكية النمساوية، وخضعت لاحقًا لإدارة طائفة البيارست بعد حلّ اليسوعيين. عرفت الجامعة مراحل متعددة من الإصلاح والتطوير، خاصة في عهد الإمبراطورة ماريا تيريزا.
بعد انضمام ترانسلفانيا إلى رومانيا في عام 1919، تم تأسيس جامعة رومانية باسم “جامعة داكيا العليا” ثم “جامعة الملك فرديناند الأول”. أما الطاقم الهنغاري، فقد أسس جامعة موازية في مدينة سيغيد الهنغارية.
في عام 1945، تأسست جامعة “بولياي” كجامعة هنغارية مستقلة، وفي عام 1959 تم دمجها مع جامعة “فيكتور بابيش” الرومانية، لتكوّنا معًا جامعة “بابيش–بولياي”، نسبة إلى العالم الروماني فيكتور بابيش والعالم الرياضي الهنغاري يانوش بولياي.
الوضع الأكاديمي الحالي
تعد جامعة بابيش–بولياي اليوم من أضخم الجامعات في رومانيا، إذ تضم أكثر من 50,000 طالب وطالبة، بينهم طلاب بكالوريوس، ماجستير، ودكتوراه.
تضم الجامعة أكثر من 22 كلية موزعة على تخصصات متعددة تشمل العلوم الإنسانية، الطبيعية، الاجتماعية، الاقتصادية، القانونية، والهندسية، إضافة إلى كليات لاهوتية تمثل الطوائف الأرثوذكسية، الكاثوليكية، اليونانية الكاثوليكية، والمصلحة.
الجامعة هي الوحيدة في أوروبا التي تقدم برامج دينية متعددة تمثل أربع طوائف كبرى، مما يعكس تنوعها الثقافي والديني.
التنوع اللغوي والثقافي
تتمتع جامعة بابيش–بولياي بنظام أكاديمي متعدد اللغات. إذ تقدم برامجها التعليمية بخمس لغات رئيسية: الرومانية، الهنغارية، الألمانية، الإنجليزية، والفرنسية. كما توجد بعض البرامج بلغة التعليم الإسبانية، الإيطالية، واليابانية.
تم اعتماد هذا النظام رسميًا منذ عام 1995 بهدف احترام التعدد الثقافي في ترانسلفانيا، وتكريس مبدأ التمثيل المتساوي للأقليات العرقية واللغوية، لاسيما المجتمع الهنغاري في المنطقة.
الطلاب الهنغاريون في الجامعة يدرسون في أقسام مستقلة، ويتمتعون بتمثيل في مجلس الجامعة وهيئات التدريس.
التصنيف الأكاديمي والبحث العلمي
تُصنّف جامعة بابيش–بولياي ضمن أفضل الجامعات الرومانية من حيث الأداء الأكاديمي والبحث العلمي. فقد احتلت المرتبة الأولى في التصنيف الوطني “University Metaranking” خلال الفترة من 2016 حتى 2022، والذي يستند إلى تصنيفات دولية كـ QS وTimes Higher Education وغيرها.
في عام 2021، حصلت الجامعة على تصنيف خمس نجوم في تقييم QS Stars، وهو ما يؤكد مكانتها كجامعة عالمية رائدة.
الجامعة عضو في شبكات بحثية دولية مثل EUTOPIA، والوكالة الجامعية للفرنكوفونية، والرابطة الأوروبية للجامعات.
الحياة الجامعية والبنية التحتية
تقع مباني الجامعة في قلب مدينة كلوج–نابوكا، وتضم مكتبة مركزية حديثة باسم “لوتشيان بلاغا”، إلى جانب مجموعة من المتاحف العلمية والثقافية، منها متحف التاريخ الطبيعي، متحف علم الحيوان، متحف النبات، ومتحف الجامعة.
تتوفر للطلاب مجموعة من المساكن الجامعية الحديثة، حيث يوجد 17 مبنى سكني يتسع لأكثر من 5,000 طالب، مع توفير جميع الخدمات الأساسية من إنترنت، مرافق صحية، ونوادي طلابية.
شخصيات بارزة من خريجي الجامعة
تخرج في الجامعة عدد من الشخصيات المرموقة، منها:
- لوتشيان بلاغا، فيلسوف وشاعر روماني.
- هيرمان أوبرث، أحد مؤسسي علم الفضاء الحديث.
- كلاوس يوهانيس، رئيس رومانيا.
- إميل بوك، رئيس وزراء سابق وعمدة مدينة كلوج–نابوكا.
تمثل جامعة بابيش–بولياي نموذجًا أكاديميًا رائدًا في أوروبا الشرقية، يجمع بين تاريخ عريق وتنوع لغوي وثقافي فريد. وهي وجهة مثالية للطلاب الراغبين في التعليم الدولي والبحث العلمي في بيئة متعددة الثقافات واللغات
