الدليل الشامل لبرنامج القرعة العشوائية ل الهجرة إلى أمريكا (اللوتري الأمريكي)
القرعة العشوائية، المعروفة رسميًا باسم اللوتري الأمريكي، تُعد واحدة من أكثر برامج الهجرة شهرة وجاذبية حول العالم، حيث تمنح سنويًا عشرات الآلاف من الأشخاص فرصة قانونية للهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية والإقامة الدائمة فيها. هذا البرنامج الذي يُدار من قبل وزارة الخارجية الأمريكية، يُمثل بوابة حلم للملايين ممن يبحثون عن بداية جديدة في بلد يُعرف بفرصه الواسعة، نظامه التعليمي المتميز، واقتصاده القوي.
القرعة العشوائية لا تعتمد على الواسطة أو الكفالة أو الروابط العائلية أو حتى عقود العمل، بل تمنح فرصة عادلة ومجانية لكل من تنطبق عليه الشروط الأساسية للمشاركة، بغض النظر عن خلفيته الاجتماعية أو وضعه الاقتصادي. ما يميز اللوتري الأمريكي هو بساطته في التقديم وعدالته في الاختيار، حيث يتم اختيار الفائزين بواسطة نظام إلكتروني عشوائي بالكامل، دون تحيز لأي جنسية أو فئة عمرية طالما أن بلد المتقدم مؤهل للمشاركة.
وقد تحوّل هذا البرنامج منذ إطلاقه في تسعينيات القرن الماضي إلى وسيلة فعلية لتغيير مصير الآلاف حول العالم، ممن وجدوا أنفسهم ينتقلون من أوضاع معيشية صعبة إلى حياة أكثر استقرارًا وفرصًا في الولايات المتحدة. ومع مرور الوقت، أصبح اللوتري الأمريكي حديث الناس في الشوارع والمجالس، ونقطة أمل سنوية ينتظرها الكثيرون، خاصة في الدول النامية أو التي يصعب فيها الهجرة عبر الوسائل التقليدية.
في هذا الدليل الشامل، نستعرض معًا كل ما تحتاج معرفته عن اللوتري الأمريكي، بدءًا من فكرة البرنامج، أهدافه وتاريخه، مرورًا بشروط الأهلية وخطوات التقديم، وصولًا إلى كيفية التعامل بعد الفوز، والمقابلة في السفارة، والفحص الطبي، واستلام التأشيرة، وتكاليف الإجراءات، وانتهاءً باستلام الجرين كارد والاستقرار في أمريكا. كما سنجيب على أكثر الأسئلة شيوعًا، ونقدم نصائح عملية تزيد من فرص القبول، مع شرح مفصل للدول المؤهلة وغير المؤهلة، وكل ذلك بطريقة مبسطة ومفصلة تناسب جميع القراء.
إذا كنت ممن يحلمون بالهجرة إلى أمريكا أو تبحث فقط عن فهم أعمق لهذا البرنامج العالمي، فهذه المقالة ستكون دليلك الكامل خطوة بخطوة، لتضعك على الطريق الصحيح وتمنحك كل الأدوات التي تحتاجها لخوض تجربة اللوتري الأمريكي بثقة ومعرفة.
ما هو اللوتري الأمريكي (القرعة العشوائية)؟

اللوتري الأمريكي أو ما يُعرف رسميًا ببرنامج تأشيرة التنوع (Diversity Visa Program – DV Lottery) هو نظام معتمد من الحكومة الأمريكية يُتيح لمواطنين من دول ذات معدلات هجرة منخفضة إلى الولايات المتحدة فرصة الحصول على تأشيرة إقامة دائمة (الجرين كارد) من خلال عملية قرعة إلكترونية تُجرى سنويًا. يتم تنظيم البرنامج من قبل وزارة الخارجية الأمريكية ويُمنح من خلاله نحو 55,000 شخص فرصة الهجرة القانونية إلى الولايات المتحدة كل عام. يعتمد البرنامج على مبدأ التنوع السكاني، إذ يُراد به جلب مهاجرين من خلفيات ودول مختلفة لتعزيز النسيج المتعدد الثقافات في أمريكا.
الهدف من برنامج اللوتري الأمريكي

لا يهدف اللوتري الأمريكي فقط إلى تنويع السكان داخل الولايات المتحدة، بل يتعدى ذلك ليحقق مجموعة من الأهداف الاستراتيجية والدبلوماسية والاجتماعية. فهو:
- يُساهم في تقوية العلاقات بين الولايات المتحدة ودول العالم عبر منح فرص عادلة للهجرة القانونية لمواطني هذه الدول.
- يُعزز من قيمة التنوع الثقافي والاجتماعي داخل المجتمع الأمريكي، ما يُساهم في تنمية الإبداع والابتكار والتفاهم بين الثقافات.
- يُوفر فرصة عادلة للهجرة للأفراد من الدول النامية أو الدول التي يصعب على مواطنيها الحصول على تأشيرات دخول لأمريكا عبر الطرق التقليدية.
- يُساعد على إدخال طاقات بشرية شابة إلى سوق العمل الأمريكي، الأمر الذي له انعكاسات اقتصادية إيجابية، خاصة في القطاعات التي تعاني من نقص في اليد العاملة.
- يُستخدم كوسيلة إنسانية غير مباشرة لتخفيف الضغط عن بعض الدول من خلال توفير منفذ قانوني للهجرة.
تاريخ إنشاء اللوتري الأمريكي

تعود بدايات برنامج تأشيرة التنوع إلى عام 1990، حيث تم إدراجه ضمن قانون الهجرة الذي وقّعه الكونغرس الأمريكي آنذاك. دخل البرنامج حيز التنفيذ في عام 1995، ومنذ ذلك الحين أصبح يُنظم بشكل سنوي تحت إشراف وزارة الخارجية الأمريكية. في البداية، كان البرنامج موجهًا لدول أوروبية لم تكن لها حصة كبيرة في معدلات الهجرة إلى أمريكا، لكن سرعان ما توسعت دائرة الدول المؤهلة لتشمل دولًا من جميع القارات. البرنامج شهد تعديلات تنظيمية وإلكترونية متعددة عبر السنوات، أبرزها التحول الكامل إلى المنصة الإلكترونية DS-5501، واعتماد نظام التحقق الأمني الإلكتروني المشدد بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، إضافة إلى إدخال شرط جواز السفر في بعض النسخ الأخيرة من البرنامج.
الدول المؤهلة للمشاركة

تُحدد وزارة الخارجية الأمريكية سنويًا قائمة بالدول المؤهلة للمشاركة في البرنامج، ويتم استبعاد الدول التي تجاوز عدد مهاجريها إلى أمريكا أكثر من 50,000 شخص خلال آخر خمس سنوات. هذه القاعدة تهدف إلى موازنة تمثيل الدول وضمان تنوع فعلي بين الفائزين في القرعة.
أمثلة على دول غير مؤهلة للمشاركة
الدولة | سبب عدم الأهلية |
---|---|
الهند | تجاوز الحد الأقصى للهجرة خلال السنوات الماضية |
الصين (البر الرئيسي) | كثافة عددية للمهاجرين إلى أمريكا |
الفلبين | أعداد هائلة من المهاجرين المقيمين حاليًا |
كندا | توافر وسائل هجرة أخرى لها |
المكسيك | تدفق مستمر وعالٍ من المهاجرين |
أمثلة على دول عربية مؤهلة عادة
تشمل القائمة في الغالب الدول ذات الكثافة السكانية الكبيرة، ولكن بمعدل هجرة منخفض إلى أمريكا، ومن بينها:
- مصر
- الجزائر
- المغرب
- السودان
- تونس
- اليمن
- سوريا
- الأردن
- العراق
- ليبيا
- موريتانيا
شروط التقديم في اللوتري الأمريكي

الأصل من دولة مؤهلة
هذا الشرط هو الأساس في الأهلية. يجب أن يكون المتقدم مولودًا في دولة مدرجة ضمن قائمة الدول المؤهلة. في بعض الحالات، يمكن الاستفادة من بلد ميلاد أحد الوالدين أو الزوج/الزوجة إذا كانت دولة المتقدم نفسه غير مؤهلة، وذلك وفقًا لقواعد “نسبة الجنسية” الخاصة بالبرنامج.
المؤهل التعليمي أو المهني
يشترط على المتقدم أن يكون حاصلًا على الأقل على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها (12 سنة من التعليم الرسمي). وإذا لم يكن كذلك، فيُشترط أن يكون قد عمل لمدة سنتين خلال آخر خمس سنوات في مهنة تتطلب تدريبًا خاصًا، وتكون مدرجة ضمن قاعدة بيانات وزارة العمل الأمريكية في الفئة الثانية أو الثالثة (Job Zone 4 أو 5، SVP range 7.0 أو أكثر).
المعلومات الشخصية المطلوبة
عند تعبئة نموذج التقديم، تُطلب البيانات التالية:
- الاسم الثلاثي كما هو بجواز السفر
- تاريخ الميلاد بالتقويم الميلادي
- الجنس
- مكان الولادة (المدينة والدولة)
- رقم جواز السفر وتفاصيله (في بعض النسخ من البرنامج)
- صورة شخصية رقمية حديثة بمواصفات صارمة
- عنوان الإقامة الحالي
- البريد الإلكتروني
- الحالة الاجتماعية (أعزب، متزوج، مطلق، أرمل)
- عدد الأبناء دون سن 21 عامًا وأسماؤهم وصورهم
خطوات التسجيل في اللوتري الأمريكي

فتح باب التقديم
يُعلن عن بداية فترة التقديم غالبًا في أوائل شهر أكتوبر من كل عام، وتستمر لمدة شهر تقريبًا. يجب متابعة الموقع الرسمي: https://dvprogram.state.gov للحصول على التحديثات والمواعيد الدقيقة.
تعبئة النموذج الإلكتروني DS-5501
يُعد هذا النموذج الوسيلة الوحيدة للتسجيل. لا يُقبل أي نموذج ورقي أو بريد إلكتروني أو تقديم من خلال السفارة. يجب تعبئة جميع الحقول المطلوبة، ورفع الصورة وفقًا للمواصفات. في حال وجود خلل أو بيانات خاطئة، يتم استبعاد الطلب تلقائيًا.
استلام رقم التأكيد
بعد إتمام عملية التقديم، يحصل المتقدم على “رقم التأكيد” Confirmation Number المكون من 16 رمزًا. هذا الرقم ضروري جدًا ولا يمكن استرجاعه إذا فُقد. يُستخدم لاحقًا للتحقق من نتيجة القرعة.
التحقق من النتائج
تُعلن النتائج في شهر مايو من العام التالي للتقديم، ويجب الدخول إلى نفس الموقع الرسمي وإدخال رقم التأكيد وتاريخ الميلاد واسم العائلة لمعرفة النتيجة.
ملاحظات هامة عند التقديم
- يُمنع تقديم أكثر من طلب واحد لنفس الشخص. النظام يكتشف تلقائيًا التكرار ويؤدي إلى استبعاد جميع الطلبات.
- الصور القديمة أو المعدلة بالفوتوشوب تُؤدي إلى الاستبعاد.
- يجب مطابقة كل المعلومات بما هو موجود في جواز السفر.
- يُمنع الاعتماد على مكاتب أو وسطاء يقدمون الطلبات بمقابل مادي، لأن التسجيل مجاني بالكامل.
ماذا يحدث بعد الفوز باللوتري؟

الفوز في اللوتري لا يعني تلقائيًا الهجرة إلى أمريكا، بل يُعتبر خطوة أولى نحو التقديم للحصول على تأشيرة الهجرة. يُطلب من الفائز تعبئة نموذج DS-260، وهو نموذج إلكتروني شامل يُرسل إلى المركز الوطني للتأشيرات. بعد ذلك يتم تحديد موعد للمقابلة في القنصلية الأمريكية حسب الدولة.
الخطوات اللاحقة للفوز
المرحلة | التفاصيل |
---|---|
تعبئة DS-260 | يتضمن معلومات شخصية، مهنية، دراسية، أمنية، ويجب أن تكون دقيقة جدًا |
تجهيز الوثائق | مثل الشهادات، جواز السفر، شهادات الميلاد، صور شخصية، وغيرها |
الفحص الطبي | يُجرى في مركز معتمد من السفارة الأمريكية ويشمل أمراض معدية وفحص بدني شامل |
المقابلة الشخصية | تُجرى في القنصلية الأمريكية، ويُطرح فيها أسئلة حول خلفية المتقدم |
إصدار التأشيرة | تُمنح لمدة 6 أشهر فقط، ويجب دخول أمريكا خلالها |
استلام الجرين كارد | يُرسل إلى عنوان إقامة المتقدم داخل الولايات المتحدة |
التكاليف المرتبطة بالفوز
رغم أن التقديم مجاني، فإن الإجراءات التالية تتطلب رسومًا:
- رسوم معالجة DS-260: حوالي 330 دولارًا لكل فرد
- رسوم الفحص الطبي: تختلف حسب الدولة ولكن قد تصل إلى 400 دولار
- رسوم الجرين كارد بعد الدخول: 220 دولارًا أمريكيًا تُدفع إلكترونيًا
- مصاريف الترجمة والتوثيق للمستندات
- تكاليف السفر والإقامة الأولية في أمريكا
الأسئلة الشائعة

هل أحتاج جواز سفر صالح عند التقديم؟
في النسخ الحديثة من البرنامج (منذ 2019) أصبح شرطًا إلزاميًا إدخال رقم جواز السفر وتفاصيله عند التقديم. في بعض الحالات الخاصة (مثل الدول المتعثرة) قد يُعفى المتقدم من هذا الشرط وفق استثناءات رسمية.
هل يمكن التقديم كزوجين لزيادة فرصة الفوز؟
نعم، يُمكن للزوج والزوجة التقديم كل على حدة إذا كان كل منهما مؤهلًا. وفي حال فوز أحدهما، يُمنح الطرف الآخر تأشيرة كمُرافق.
هل يمكن أن يُرفض الفائز في المقابلة؟
نعم، فقد يتم رفض الفائز في حال:
- وجود تزوير أو تناقض في البيانات
- عدم توفر المؤهل العلمي أو المهني
- تقديم صور قديمة أو معدلة
- عدم اجتياز الفحص الطبي
- الشك في نية العودة أو وجود نوايا مخالفة
مقارنة بين اللوتري وطرق الهجرة الأخرى
نوع الهجرة | المزايا | العيوب |
---|---|---|
اللوتري الأمريكي | مجاني، عشوائي، لا يتطلب كفيل أو عقد عمل | غير مضمون، يعتمد على الحظ فقط |
الهجرة عبر عقد عمل | مضمونة إذا توفرت الوظيفة، تشمل إقامة رسمية | تتطلب مهارات خاصة وكفيل معتمد |
الهجرة بالاستثمار | سرعة في الحصول على الإقامة، مرونة في الشروط | رأس مال كبير يتجاوز 500,000 دولار |
اللجوء السياسي | حماية قانونية إذا تم القبول | قد يُرفض الطلب ويُعاد الشخص إلى وطنه |
لم الشمل العائلي | يعتمد على صلات القرابة، مسار قانوني وواضح | إجراءات طويلة ومعقدة في بعض الحالات |
تأثير برنامج اللوتري على الأفراد والمجتمعات

يُعد البرنامج وسيلة حقيقية لتحقيق الحلم الأمريكي للعديد من الأشخاص حول العالم، ويُحدث تأثيرات جوهرية، منها:
على الأفراد
- تحسين الوضع المعيشي والمهني
- فرص تعليمية واسعة
- انخراط في مجتمع متنوع ثقافيًا
- الحصول على الجنسية الأمريكية لاحقًا
على مجتمعاتهم الأصلية
- تحويلات مالية تعزز الاقتصاد المحلي
- تقليل البطالة في بعض الدول
- أحيانًا فقدان الكفاءات بسبب “هجرة العقول”
على المجتمع الأمريكي
- تجديد المجتمع بدماء جديدة
- دعم الاقتصاد بقوى عاملة شابة
- تعزيز التفاهم والتنوع الثقافي
مستقبل اللوتري الأمريكي

مستقبل اللوتري الأمريكي
منذ إنشائه في عام 1990، ظل برنامج القرعة العشوائية – اللوتري الأمريكي – محورًا للنقاش السياسي داخل الولايات المتحدة، بين مؤيدين يرونه وسيلة فعالة لتعزيز التنوع الثقافي والسكاني، ومعارضين يعتبرونه برنامجًا عشوائيًا قد يهدد الأمن أو لا يتماشى مع أولويات سوق العمل الأمريكي. ومع تغير الإدارات السياسية وتعاقب الأحزاب على الحكم، تزداد التساؤلات حول مستقبل البرنامج وإمكانية استمراره، أو حتى تعديله أو إلغائه بالكامل.
التوجهات السياسية وتأثيرها على البرنامج
البرنامج يواجه تهديدًا دوريًا بالإلغاء، خصوصًا في الفترات التي يكون فيها الحزب الجمهوري ممسكًا بمقاليد السلطة، حيث يرى بعض السياسيين المحافظين أن الهجرة يجب أن تُبنى على أساس الكفاءة والمهارات، لا على الحظ. في المقابل، يُدافع الديمقراطيون في الغالب عن استمرار البرنامج، باعتباره يمثل روح الانفتاح والتنوع التي تأسست عليها الولايات المتحدة.
الرئيس السابق دونالد ترامب، على سبيل المثال، حاول عدة مرات إلغاء اللوتري الأمريكي ضمن مساعيه لإصلاح شامل لنظام الهجرة، واقترح استبداله بنظام يعتمد على النقاط (Merit-Based System) يفضّل أصحاب المهارات العالية والشهادات المتقدمة. في المقابل، أعاد الرئيس جو بايدن التأكيد على أهمية البرنامج، وتعهد بالحفاظ عليه وتطوير نظام الهجرة بشكل أكثر إنسانية وعدالة.
مقترحات لتعديل أو استبدال البرنامج
على مر السنوات، طُرحت عدة مشاريع قوانين في الكونغرس الأمريكي تهدف إلى إلغاء برنامج اللوتري أو استبداله بآليات أخرى، نذكر منها:
- قانون “RAISE Act”: تم تقديمه في عام 2017، ويهدف إلى تقليل الهجرة القانونية إلى أمريكا بنسبة 50% واستبدال اللوتري بنظام نقاط يعتمد على التعليم، الخبرة المهنية، وإجادة اللغة الإنجليزية.
- مشاريع إصلاح شاملة: تتضمن بعض مقترحات إصلاح الهجرة دمج اللوتري في برامج أخرى، أو تخصيص بعض تأشيراته لفئات مثل اللاجئين أو أصحاب الشهادات العليا.
- التوصيات الأمنية: بعض المسؤولين الأمنيين طالبوا بتشديد التحقق الأمني من الفائزين باللوتري، بحجة أن الاختيار العشوائي قد يسمح بدخول أفراد غير موثوقين دون دراسة خلفياتهم بشكل دقيق.
حتى الآن، لم تنجح أي من هذه المحاولات في إلغاء البرنامج، ما يدل على وجود دعم شعبي ودبلوماسي له، خاصة من قبل منظمات حقوق الإنسان والجاليات المهاجرة.
العوامل الدولية التي تؤثر على استمرار البرنامج
إلى جانب التأثير السياسي المحلي، هناك عوامل دولية تلعب دورًا في مستقبل اللوتري الأمريكي:
- أزمات الهجرة واللجوء: مع تصاعد النزاعات والأزمات الاقتصادية في عدة دول، يُشكل برنامج اللوتري وسيلة ضغط أمريكية مرنة لاستيعاب جزء من هذه التحركات السكانية دون الدخول في التزامات اللجوء التقليدية.
- الدبلوماسية الناعمة: يُستخدم اللوتري كأداة لتعزيز العلاقات مع دول العالم، خصوصًا تلك التي لا تمتلك علاقات اقتصادية أو عسكرية قوية مع أمريكا، حيث يُقدم البرنامج كـ “فرصة عادلة” تعزز من صورة الولايات المتحدة عالميًا.
- التنافس العالمي على الكفاءات: مع دخول دول مثل كندا، أستراليا، ألمانيا، والمملكة المتحدة في سباق جذب المهاجرين المهرة، قد يُصبح من الضروري تعديل نظام الهجرة الأمريكي ليُركز أكثر على المهارات بدلاً من العشوائية، وهو ما قد يهدد بقاء اللوتري بصيغته الحالية.
السيناريوهات المتوقعة لمستقبل اللوتري
استنادًا إلى التحولات السياسية والديموغرافية، يمكن تصور عدة سيناريوهات لمستقبل البرنامج:
1. استمرار البرنامج بصيغته الحالية
وهو السيناريو المرجح في المدى القريب، حيث يستمر البرنامج كما هو، مع تحسينات في الجانب التقني والأمني فقط، مثل فرض جواز السفر، تطوير المنصة الإلكترونية، وزيادة التدقيق الأمني على الفائزين.
2. تقليص عدد التأشيرات الممنوحة سنويًا
قد يتم خفض عدد الفائزين من 55,000 إلى 30,000 أو أقل، مع تخصيص جزء منها لفئات محددة مثل أصحاب الشهادات العلمية أو اللاجئين السياسيين، وذلك لتقليل العبء الإداري وتحقيق أهداف اقتصادية.
3. دمج البرنامج ضمن نظام جديد للهجرة قائم على النقاط
في هذا السيناريو، قد يتم إلغاء اللوتري كبرنامج مستقل، واستبداله بنظام نقاط شبيه بما هو مطبق في كندا وأستراليا، حيث يُمنح المتقدمون درجات حسب العمر، اللغة، الخبرة، التعليم، ويتم اختيار الأعلى نقاطًا. وقد يُحتفظ بنسبة صغيرة للقرعة داخل هذا النظام.
4. إلغاء البرنامج بالكامل
وهو أقل السيناريوهات احتمالًا، لكنه وارد في حال تصاعد التيارات اليمينية المتشددة في المشهد السياسي الأمريكي، خاصة إذا تم تمرير قانون شامل للهجرة لا يتضمن بند تأشيرة التنوع. رغم صعوبة تمرير مثل هذا القانون، فإن الضغط من التيارات المعادية للهجرة موجود دائمًا.
مستقبل الفائزين السابقين والجاليات المستقرة
حتى في حال تم إلغاء اللوتري في المستقبل، فإن ذلك لا يُطبق بأثر رجعي، ما يعني أن من فازوا في السنوات السابقة وهاجروا إلى أمريكا، سيبقون مستفيدين من إقامتهم القانونية، ولهم الحق في التقديم على الجنسية بعد مرور الفترة القانونية (عادة 5 سنوات). كما أن أبناءهم سيحصلون على الجنسية الأمريكية تلقائيًا إن وُلدوا داخل الأراضي الأمريكية. لذلك، يُعتبر الفوز في اللوتري فرصة قد لا تتكرر، حتى وإن تم إيقاف البرنامج مستقبلًا.
نظرة تفاؤلية للمستقبل
رغم النقاشات والضغوطات، فإن اللوتري الأمريكي يُمثل جزءًا من الهوية الأمريكية الحديثة، المبنية على استقبال المهاجرين وتوفير الفرص للجميع. وبسبب دعم قطاعات واسعة من الأمريكيين والمجتمع الدولي للبرنامج، من المرجح أن يستمر – ربما بتعديلات – لسنوات قادمة، كإحدى الوسائل التي تحافظ على روح “الحلم الأمريكي” وتُبقي الباب مفتوحًا أمام الحالمين من كل أنحاء العالم.
إذا كنت تفكر في التقديم أو تنوي تجربة حظك في السنوات المقبلة، فالأفضل أن تبدأ بالتخطيط من الآن، لأن مستقبل البرنامج – كما رأيت – ليس مضمونًا، واستغلال الفرصة الحالية هو القرار الأكثر حكمة.
في ظل تعقيدات أنظمة الهجرة العالمية، يبرز برنامج القرعة العشوائية – اللوتري الأمريكي كفرصة نادرة ومميزة تفتح الأبواب أمام عشرات الآلاف من الحالمين بالاستقرار في الولايات المتحدة الأمريكية. هذا البرنامج، الذي يجمع بين البساطة والعدالة، يمنح المتقدمين من دول متنوعة إمكانية حقيقية لبداية جديدة في بلد الفرص والطموح، دون الحاجة إلى كفيل أو استثمار أو علاقات معقدة.
رغم ما يحيط به من جدل سياسي واحتمالات مستقبلية بالتعديل أو الإلغاء، يظل اللوتري حتى اليوم أداة فعالة للهجرة القانونية، وجسرًا يعبر به كثيرون نحو تحسين حياتهم وحياة أسرهم. ولهذا، فإن اغتنام الفرصة والتقديم بشكل صحيح ومنظم، مع الالتزام بكل الشروط والتعليمات، قد يكون هو الخطوة الأولى نحو تغيير مصيري.
سواء كنت تفكر في التقديم لأول مرة، أو سبق لك المحاولة في سنوات سابقة، فإن الاستعداد الجيد، ومعرفة كل التفاصيل والإجراءات، يزيد من فرص نجاحك ويُجنبك الأخطاء الشائعة التي يقع فيها الكثيرون. تذكّر أن القرعة قد تكون عشوائية، لكن النجاح فيها يبدأ من وعيك وحرصك على تقديم طلب صحيح ومتكامل.
وفي النهاية، تبقى الولايات المتحدة دولة بنيت على أكتاف المهاجرين، واللوتري أحد أبرز النوافذ التي تُبقي هذا الحلم الأمريكي حيًا ومفتوحًا أمام العالم.
